كييف ومحاولة دق الإسفين بين روسيا والعرب

06/04/2022
شارك هذا الموضوع:

يستعمل نظام كييف كل الوسائل للإضرار بروسيا وتشويه سمعتها، وإفساد علاقاتها مع دول العالم، مستخدما في ذلك ترسانة للتزوير وقلب الحقائق، لشيطنة موسكو بما في ذلك في المنطقة العربية. وتحاول السلطات الأوكرانية في هذا السبيل، دق إسفين في العلاقات التاريخية والتقليدية بين العالم العربي وروسيا، وتشويه صورتها، التي يعتبرها العرب في المجمل صديقا مقربا يؤيد قضاياهم ويقف إلى جانبهم في تواصل منذ العهد السوفيتي.

ولهذا الغرض، نشرت كييف فرية تقول إن القوات الروسية اعترضت سفينة كانت تحمل قمحا أوكرانيا إلى مصر، الأمر الذي نفته السفارة الروسية في القاهرة، مشددة على أن "التقارير التي نشرتها أوكرانيا عن مزاعم بأن روسيا منعت حركة سفينة محملة بالقمح الأوكراني غير صحيحة. السفن في موانئ أوديسا وتشرنومورسك منعت من التحرك من قبل الإدارات العسكرية الأوكرانية المحلية هناك"، مشيرة في هذا السياق إلى أن الأسطول الروسي يضمن حرية الملاحة التجارية.

انطلقت الكذبة الأوكرانية من سفارتها في مصر، وزعمت أن الأسطول الحربي الروسي "منع واعترض سفينة محملة بالقمح من أوكرانيا" كانت متجهة إلى مصر.

مثل هذه الأساليب في الدس والتشويه التي لا تتردد كييف في استعمالها في حربها ضد روسيا، بلغت أوجها في المسرحية التي أعدت في مدينة "بوتشا" بمقاطعة العاصمة كييف بإخراج رديء بهدف تهييج العالم ضد روسيا ودفع الدول الأخرى وخاصة الغرب بزعامة الولايات المتحدة إلى المزيد من الضغط، وهو حاليا ذهب بعيدا وتجاوز كل حدود المنطق والمعقول. وكل ما يهم سلطات كييف هو إلحاق أكبر قدر من الأذى بروسيا التي اضطرت بعد صبر استمر ثماني سنوات إلى شن عملية عسكرية خاصة لحماية منطقة دونباس، وللقضاء على النازية الجديدة في هذا البلد.

ظهرت أساليب كييف في استغلال كل ما تجده أمامها ضد روسيا في مناسبة سابقة في بيروت. وحينها استغل السفير الأوكراني لدى لبنان إيغور أوستاش، حدثا ثقافيا تمثل في إقامة احتفالية بمئوية شاعر أوكراني شهير كان عاش في لبنان عامين، وجعل منه موقفا سياسيا في تصريح له، وأخرجه تماما عن سياقه.

وردت عائلة سرسق اللبنانية العريقة على السفير الأوكراني، حيث كتب روبير خليل سرسق ممثلها منتقدا إياه بشدة في خلطه "الثقافة بالسياسة بطريقة غير بريئة".

بالمقابل، تفتح موسكو، كما هي دائما، أبوابها أمام المسؤولين العرب في حوار لا ينقطع وتعاون في جميع المجالات مع الدول العربية. وفي انعكاس للعلاقات المتميزة بين الجانبين، أعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري أن دول جامعة الدول العربية مستعدة للعب دور الوسطاء في المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا.

وفي تصريح عقب محادثات لمجموعة الاتصال الوزارية التابعة للجامعة العربية مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حول أوكرانيا قال رئيس الدبلوماسية المصرية: "نحن نهدف إلى تسهيل المفاوضات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا. وأكدنا مجددا استعدادنا لتقديم جهود الوساطة للمضي قدما في عملية التفاوض هذه بين الأطراف، من أجل إنهاء المواجهة العسكرية في أقرب وقت ممكن وبدء مفاوضات لبناء الثقة، وتحديد الأسس والمعايير لحل سلمي من شأنه أن يؤدي إلى إنهاء هذه الأزمة".

أما الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط فقد صرّح في لغة دبلوماسية عقلانية قائلا: "فيما يتعلق بإعلان وتطبيق عقوبات من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ضد روسيا، تلتزم الدول العربية بقواعد العمل المعمول بها وتؤيد النظر في هذه القضايا وحلها على الدوام في إطار مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة".

ولفت أبو الغيط، إلى أن الأزمة الأوكرانية لها آثار سلبية كثيرة ومتعددة على العديد من الدول العربية، خاصة من ناحية مستورداتها من الحبوب.

وأوضح الأمين العام لجامعة الدول العربية خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن تلك الدول تستورد القمح والغلال والحبوب بكميات كبيرة للغاية من روسيا.

وأشار أيضا إلى مضاعفات اقتصادية أخرى للأزمة على المنطقة، لافتا إلى أن "الدولة العربية التي كانت تضع خطط تنميتها على أسعار محددة لسعر النفط ما بين 40 إلى 60 دولارا للبرميل، تفاجأت للحظة أنها وصلت إلى 100 و150 دولارا".

علاوة على ذلك، تطرق أبو الغيط إلى مسألة ارتفاع الأسعار الحالي، مشيرا إلى أنه يؤثر على تنفيذ الخطط الاقتصادية للدول، وأن "الأسعار ترتفع في العديد من الأطراف في الإقليم العربي، بشكل يؤثر على رفاهية المواطن العربي، والأمر يؤدي إلى المزيد من الآثار السلبية". وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بدوره، تحدث عن المواضيع التي ناقشها مع وزراء خارجية عرب زاروا موسكو يوم الاثنين لبحث الأزمة الأوكرانية، موضحا أنها تتمثل في العرب الوضع الحالي في أوكرانيا ومسار تطور الأوضاع في هذا البلد على مدار السنين والتي أسفرت عن تحوله إلى كيان معاد لروسيا.

ونوه لافروف بأن المناقشات تناولت أيضا "الوضع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتطابقت آراؤنا تماما في ملف فلسطين".

على الرغم من كل الأزمات التي تعصف بالعالم حاليا وتلك التي لا تزال مضاعفاتها قائمة ومؤثرة، ويبدو أن الكثيرين تعمدوا نسيانها مكتفين بالتوقف أمام العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، تتطور العلاقات بين الدول العربية وروسيا في مختلف المجالات وبوتيرة سريعة في السنوات الأخيرة، الأمر الذي يبدو أنه بدا لكييف مغريا، فلجأت إلى حمل مطرقتها ومحاولة دق إسفين بين الجانبين، بالدس وبنشر الأكاذيب وتزوير الحقائق للنيل من روسيا على كافة الصعد.