الحصن المتوج بمديرية قشن

29/11/2022
شارك هذا الموضوع:

الحصن المتوج حصن بيت شعرار

enter image description here

الأمان والسلام مطلب أساسي لكل الشعوب ولهذا شيدت العديد من القلاع والحصون التي تخدم هذا الهدف، وقد عاش الإنسان المهري حياته قديما على ما توفره بيئته من سبل العيش واقتصر نشاطه الاقتصادي بدرجة أساسية على الزراعة والرعي والصيد ومع ذلك لم تخلو حياته من النزاعات والصراعات القبلية التي لا جدوى منها فكان أماكن تواجد الماء والغذاء هو فرصه للغرماء والمعتدين ،و يعتبر حصن بن شعرار احد أهم الحصون في قشن التي وفرت الحماية خلال فترات الصراع التي عاشه الإنسان المهري ، وله عدد من المطاحن للحبوب بالمجان بالقرب من الحصن ومخازن للحبوب وتم حفر بئر ماء لشحه المياه النظيفة واقتصارها على أماكن محددة محفوفة بالمخاطر. ، وبعد غروب الشمس يلجأ أهالي القبيلة وغيرهم من سكان المنطقة للحصن والاحتماء فيه .

enter image description here و بعد منتصف العهد الثاني للسلطنة العفرارية و قبل أكثر من 350 سنة تقريبا شيد الحصن المتوج بالقمرات في حي ٢ مارس حي السوق (سوق بيت شعرار حاليا) على يد الشيخ سعيد علي بن شعرار الذي يعد المؤسس للحصن ،وهو أحد أعيان ومن أهم الأشخاص في قبيلة الجدحي عامة ولقد تميز بالحنكة والدهاء و رجاحة العقل وبعد النظر ويتجلى ذلك من شكل الحصن وموقعه الاستراتيجي بالقرب من مركز المدينة فقد تأسس تأسيسا حربي بامتياز وكان مركز لبيت شعرار سواء كان في السلم أو في الحرب ،و بيت سكبان عامة هي و الفخائذ الموالية لبيت شعرار، بسبب الحروب الغاشمة والثارات يلجأ إليه الرجال للاحتماء ليلا ً ،وكون الرجال هم المستهدفين الأساسيين من هذه الحرب وليس العوائل فقد كانت الأعراف القبلية تعيب اقتحام المنازل فمثل هذه التصرفات وتعتبر من الجبن والضعف . enter image description here فكأي مبنى بني في تلك الفترة تم بناء الحصن مما توفره البيئة المحيطة به من الحجارة الرسوبية والطين اللبن وسقف من جذوع الأشجار المنتشرة في المنطقة السمر ( السيمر: بالمهرية ) وتميزت بعض أجزاءه بأنها مسقوفة بالحجارة ويتميز بأبواب خشبية صغيرة متينة مدعمة بصفائح من الحديد القوي ، و لا يوجد للحصن أي نوافذ خارجية سوى بعض النوافذ المغلقة داخلية وتحيط بالحصن موجغت أو مواشق وهي عبارة عن فتحات صغيرة تخرج منها فوهات البنادق وعادة ما تكون هذه المواجغ واسعة من الداخل و ضيقة من الخارج لحماية الرماة من الضربات الخارجية . enter image description here وقد بني الحصن على مرحلتين فالحصن بني أولاً وحفر بئر ماء بجانبه ،وفي وقت لاحق كمرحلة ثانية بنيت في الجانب الشرقي للحصن ثمان مطاحن للحبوب كالذرة والدخن وسبعة مخازن لحفظ تلك الحبوب ثم تم إحاطتهم جميعا بسور خارجي مترامي الأطراف .

في الدور السفلي يتكون من مخزنين في الشرق والغرب لتخزين الطعام والحبوب لهما مدخل من الفناء و يتوسطهم صالة مسقوفة لها مدخل من جهة الشمال وفي احد زواياها سلم ( الدرج) وهو عبارة عن جذوع أشجار مثبتة في الركن توصل للدور الثاني والذي يضم ثلاثة مجالس أثنين من المجالس للشرق والغرب وهم مسقوفين و بينهم مجلس غير مسقوف بالكامل باستثناء جزء بالاتجاه الشمالي يستخدم كممر يربط بين الجانب الشرقي والغربي وأسفل منه سلم خشبية على نفس الشاكلة كما في الدور الأول .

توّج سطح الحصن بأربع قمرات وهي زوائد طينية بارزة من الشكل العام للحصن ومساحتها ضيقه لا تتسع إلا لشخص واحد واقف ليبقى يقظاً ، و بها فتحات من جميع الجوانب وكذلك من أسفل لحماية المداخل الرئيسية للحصن وقت المعارك ، كما يوجد به أحواض ماء الوضوء بها منافذ تصب خارج الحصن .

ولم يحظى الحصن بأي إصلاحات سوى بعض الإصلاحات البسيطة وهي إضافة طبقة من الطين اللبن وترميم المتهدم من الجدران والتي أجريت على الحصن قبل عام 1967م وفي وقت لاحق وبعد تهدم السور ولحاجة الأهالي للمساحات من أجل البناء فقد تم إعطاءهم جزء من الفناء الجنوبي لتوسيع أحدى البيوت السكنية الملاصقة له وتم بناء محلات تجارية على حدوده الشمالية، ودفنت البئر بفعل عملية البناء التي حدثت، كذلك اندثرت المطاحن منذ فترة طويلة بفعل عوامل التعرية ،و أما المخازن فتهدمت معظمها ولم يبقى منها إلا ما هو آيل للسقوط في أي وقت، و يقوم على الحصن حاليا أفراد من قبيلة شعرار هم محمد سليمان شعرار، وسالم سليمان شعرار ،ومحمد البرك شعرار .

لا يزال الحصن شامخ رغم ما تعرضت له المنطقة في الآونة الأخيرة من عوامل التعرية الطبيعية من أمطار وسيول و أعاصير التي طمست أغلب المعالم التراثية في المنطقة ولعل عوامل التعرية الطبيعية لم يكن لها نفس تأثير عوامل التعرية البشرية التي كان لها نصيب الأسد من التأثير على الحصن، بحكم الجهل بأهمية مثل هذه المعالم الأثرية القيمة وسط اجتياح سيل البناء الحديث الذي يجتاح المنطقة لطمس معالمها العريقة ؛ فلهذا ننوه السلطات المحلية والجهات المعنية بهذا الشأن بالمحافظة على مثل هذا الإرث العريق والاستفادة منه وترميمه بنفس الطابع العريق لان مثل هذه المباني التراثية كنز وطني يشجع على ازدهار السياحة في بلادنا في حال تم إستغلالها بشكل صحيح.