قصر كوت النخيل م / قشن

01/10/2022
شارك هذا الموضوع:

قصر كوت النخيل م / قشن " تصور كوت النخيل وروائعه"

مبان تحمل بين أزقتها قصص من كتب التاريخ تشهد على أهمية من مروا من هنا ، و تنقل إليك أصواتهم التي تسمعها عندما تلصق مسمعك على جدرانها ، تحف معمارية فريدة شيدها كبار القوم ، قصور أبدع مشيدوها في بنائها باستخدام مواد البناء المحلية البسيطة في عمارتها جعل لها علامة مميزة و عناصر بارزة للفن العمراني في مواقعها .

فهناك جمال معماري لا يمكن وصفه فهو جمال مريح و متوازن و دائم أنه جمال يصعب تحديد تعريف له . الجمال الصادم والعريق الذي يتميز به ( قصر كوت النخيل ) . الذي يمثل شعاع منبثق من بيئته الصحراوية متحرر بفتنه شكله الباهي إلى الغوص عميقاً في ما وراء الشكل الداخلي .

شيد قصر كوت النخيل خلف مدينة قشن في منطقة دروب بالاتجاه الشرقي من مديرية قشن و يمثل أحد المعالم التاريخية التي شيدها السلطان ( أحمد بن عبدالله بن محمد بن عامر بن طوعري آل عفرار ) الذي يعد مؤسس القصر الذي يبلغ عمره بحسب لفظ المصدر الشفهي ( سالم سعد عفرار ) أحدى القائمين على القصر بحوالي [ قرابه 200 عام ] . و ترجع سبب هذه التسمية إلى النخيل التي تحوط القصر من جميع الاتجاهات .

يتميز قصر كوت النخيل بنسيج عمراني كثيف وهو ذو شكل مستطيل أحدى أركانه الغربية مدرجه و يتصف بقلعه اسطوانية الشكل في الركن الغربي شامخة تشبه في هيلكتها المعمارية قلاع الأمويين و البيزنطيين وكانت هذه القلاع مركز لحفظ الثروة و جمع الضرائب و قطف المحاصيل و تخزينها و تستخدم للإمداد و التموين و التجهيز و يستعمل جزء من مبانيها لصناعة الأسلحة وملابس الجند فكان لهذا القلاع الأسطوانية عده وظائف منها مدنية و عسكرية ، و يهتم ويشرف الطابق الأسطواني في قصر كوت النخيل بتجفيف التمور و يسكن الناس فيه في فصل الخريف للاهتمام بزراعة التمور .

يحيط بالقصر عدد هائل من الأسوار المبنية بالحجارة والطين و تكثر بكثرة في مدينة قشن تستخدم هذه الأسوار لتجفيف التمور و تعد كعادة من العادات القديمة في مواسم قطف التمور ؛ و تكثر في الجهة الجنوبية من القصر بالقرب من النخيل عدد من القبور القديمة التي لا أحد يعرف تابعه لمن .

تواترت استعمال التربة ( الطين اللبن ) في بناء قصر كوت النخيل كمادة أساسية منسوج أيضاً من الحجارة الرملية و خشب النخيل من المصادر الرئيسية المستعملة قديماً في بناء القصور لما لها من أهمية في طاقة تسخين شتاءً و التبريد صيفاً . مبينا أن القصر لا زال يتسم بالمتانة و المرونة . و يمتاز القصر بوجهات تحصينية ممتدة على جميع أطراف القصر تسمى (بالمواشق) للحماية من ضربات العدو . وتوجد بئر قريبة من القصر بمقدار عشرون متراً بنيت بالصخور الرسوبية المأخوذة من المنطقة و لا تزال البئر صامدة و يوجد فيها الماء إلى يومنا هذا .

يتكون القصر من ثلاثة أدور كل دور له تكويناته حيث أن الطابق الأول يشمل غرفتين و ممر ، و الطابق الثاني فيه غرفتين متوسطة الطول والعرض و يقع فيه ممر طويل يصعد بك إلى الاعلى ، و الطابق الثالث فيه مواشق حربية مصطفة فيها و غرفة دفاعيه للقصر و يوجد أيضاً ممر مستطيل طويل ضيق يؤدي إلى غرفة ربما لحراسة القصر . بالإضافة إلى وجود دورة مياة بالاتجاه الخلفي للقصر .

أمتازت صناعة الأبواب والنوافذ بالقصر من الخشب القديم يسمى خشب الجندل وهي أشجار " المعانغروف ، اذ أنه تعرض للهشاشه و التلف آثار الأمطار لكنه لا يزال صامد لكونه خشب قوي يتحمل مؤثرات الملوحة والجو . وتفننت جدران الغرف بتجويفات مربعة مقسمة الأضلاع تتوزع بشكل منتظم في كل غرف القصر و يعد العنصر الرئيسي الذي صبغت به الجدران هو خليط مصنوع من الجبس و النوره المحلية و تزينت و تزخرفت جدران الغرف به ، إضافة إلى الجص الذي استعمل اساساً لغرض تغطية الجدران و إعطائها الشكل النهائي . كما اعتمد التسقيف على دعامات قوية من الأخشاب متشابكة و مترابطة مزخرفة بتشكيلات بديعة و هي عنصر مهم يستخدم في طريقة البناء التقليدية للقصور ؛ فوقة شرائح من الخيزران الهندي والارتكاز ( السهم ) خشب هندي يسمى ( ساج ) ؛ وجذوع النخيل و سعفه لما تتمتع به من صلابه و قدره على التحُّمل و الدوام لمدة زمنية طويلة .

كما أعرب الأخ سالم سعد عفرار في قوله أن القصر أدخلت عليه بعض من الإصلاحات قبل عام ونص من الآن ؛ كإصلاح مستحسن لشكل القصر من ناحية الأبواب و النوافذ و صبغ الجدران و ترميم ما تعرض لتلف بكل ما هو مقدور عليه من قبل القائمين على القصر رغم أرتفاع الأسعار لمكونات الترميم .

من يشاهد القصر اليوم يراه شامخاً مهيباً ثم إذا التفت إلى الجهات الأربع حوله إعجاز يسلب الأنظار و يهبر العقول و يكاد يجمع الباحثين و وسائل وقنوات الإعلام على تميز و فراده بناء القصر و تكاد تكون الهيبة هي الكلمة الجامعة التي تتردَّد على ألسنتهم حين يتعلق الأمر بوصفه ، و قد كانت المنطقة قبله للكثير من العلميين و مسرح للأمسيات الشعرية إلى وقتنا الراهن .

التوصيات : • استغلال مثل هذه المباني الطينية والقصور القديمة الموجودة لعمل مشروع سياحي ثقافي بإعادة توظيف القصر و تكوين تجمع ثقافي كبير يشمل مكتبة علمية تحتضن الكتب والمخطوطات و الصور القديمة وورش حرفية تجذب السياحة الخارجية و تفيد أهل المنطقة . • محاولة منع أي نوع من عمليات التجديد و الترميم التي يقوم بها السكان في هذه المعالم القديمة دون إشراف مهندسين مختصي من هيئة الآثار لعدم تشويه و طمس هذه المعالم الأصيلة .

صادر عن الإدارة العامة للمعلومات و الإحصاء و التوثيق م/ المهرة