( حصن بن عمروتن م / قشن ) " حصن الملاذ و المنزل و مقر الحكم والتشاورات "
لجأ الإنسان لتحصين منذ القدم لحماية نفسه من أي اعتداء خارجي ، بوسائل وأدوات بدائية مما توفره له البيئة فقد أستخدم جذوع النخيل والأشجار والأحجار والكهوف وغير ذلك بهدف الحماية والذود عن نفسه ، و تطورت أساليب البناء فيما بعد إلى العمارة الطينية كواحدة من أهم الفنون المعمارية آنذاك و تشكلت العمارة على هيئة قصور و حصون منيعه و نظراً إلى توافر مادتها من جهة و تلاؤمها مع بيئتها من جهة آخرى ، فتنوعت الحصون بتنوع مواقعها وطرق تقنيات بنائها و أساليب فنونها فشيّدت القلاع و الحصون وغيرها ، فظهرت بشدة في مدينة قشن كونها العاصمة التاريخية الأولى في بلاد مهرة و مركز حضاري تاريخي ومحطة جذب للأنظار الخارجية . و شهدت مدينة قشن التاريخية حقبات متعددة تدل على قوة وتاريخ الإنسان المهري الضارب في جذور التاريخ ، وما هذه الحصون و القلاع المنتشرة في كافة أرجاء المدينة إلا دليل كاف على عراقة هذا الإنسان وحضارته.
ومنها حصن الملاذ و المنزل و مقر الحكم والتشاورات (حصن بن عمروتن ) الواقع وسط المدينة في حارة ينتوف ؛ و يعود سبب تسميته إلى ( جذع من أفخاذ قبيلة الجدحي فخذ بن عمروتن ) . لذلك تعد دراسة حصن بن عمروتن لابد من الوقوف عليه كونه هيكل طيني مصمم بشكل هندسي له وظيفتة العسكرية و الجمالية و مميزاته الحربية و التاريخية كعنوانا نفوذ لقبيلة الجدحي قديما .
ووفقاً لما أفادنا به مرشدنا في النزول (سالم علي عمروتن ) أحد أبناء عائلة عمروتن من معلومات حول الحصن مذللاً لنا الصعوبات وكاشفاً لنا عن خبايا أحد أهم و أبرز الحصون الحربية العريقة قائلاً : أن حصن بن عمروتن يتميز بأنه حصن قبلي تنعقد فيه اجتماعات لمواضيع ذات أهمية إستراتيجية . و تدار فيه أمور القبيلة و تحل فيه الخلافات والنزاعات ؛ وذلك لما امتاز به أهل الحصن من حنكة العقل والدهاء والحكمة ، مؤكداً أنه كان تعقد فيه الاجتماعات القبيلة التابعة لمقدم بيت آل غني " الذين يعدون الفخذ المقدم العام لقبيلة الجدحي ، في فترات قديمة من أجل إصلاح ذات البين والحكم بينهم بحسب الأعراف والتقاليد القبلية .
(عائداً تاريخ بنائه إلى قبل ما يقارب ٣٠٠ عام تقريبا ، ويعد سعيد بن البخيت بن سعودوت بن علي عامر شعجول سعودين بن محد بن عمروتن محمد غني الجدحي المؤسس لبناء الحصن الذي عاش وترعرع في القرن السابع عشر الميلادي في مدينة قشن و قيل أنه أشتهر بالأعمال التجارية إلى أن وافاة الأجل ) .
متصفاً أن شكل الحصن الخارجي يعتبر حصن حربي وطريقة بناءه صممت لغرض الدفاع والتحصين ويظهر ذلك جلياً في التصميم و الشكل الهندسي ، و يعتبر حصن بن عمروتن كالقلاع من حيث الدفاع والقوات إذ هو مجهز بأقوى التجهيزات والتحصينات فهو منغلق على نفسه ويتوسطه فناء .
حيث أن أبوابه محصنة بأنواع القفول الحديدية و الخشبية المتينة و جدران عريضة ومتينة مبنية من الحجارة والطين ( واللبن والطين مضافة له شجرة الطثنيت) ، و يتشكل طريقة تسقيفه المبنية من السيمر المتلاحم مع بعض و سعف النخيل و نوافذ طينية لها فتحات صغيره لتهوية . وكان يتخلل هذا التشييد فتحات صغيرة تسمى (موجغت او موشق) في وقت الحصار والمعارك تخرج منها أفواه البنادق للتصدي للعدو.
أما بالنسبة إلى سمات الشكل الداخلي للحصن من ثلاث أدوار كل دور له مكوناته الأساسية : فالدور الأول يحتوي على ثلاث مداخل ومجلس كانت تعقد فيه الاجتماعات وتحل فيه الخلافات واستراحة للضيوف و عدد من الغرف كانت تستخدم للحماية في أوقات الحروب ، و يحتوي كذلك على فناء داخلي ، يتكون الدور الثاني من غرف مزخرفة بنقوش على أشكال مثلثات ونوافذ ، وأيضاً يوجد مصلى أو مسجد صغير والذي يتزين بالآيات الكريمة والزخارف على جدرانه تكشف لنا أن هناك اختلاف في أسلوب ومواد البناء داخل المسجد عن الحصن كونه معلم ديني ، وسطح مفتوح به فتحات للمواشق للدفاع عن الحصن ، و يتسم الدور الثالث بسطح للمنزل به غرفه للمراقبة و الاستطلاع . بالإضافة إلى وجود بئر داخل الحصن .
و ظل الحصن صامد محافظ على طابعه الفريد ، وتم له إعاده في بعض الإصلاحات الذي أجريت فيه قبل ٦٠سنة ، و أن ما عثر عليه حالياً في حصن بن عمروتن ما هي إلا عبارة عن جدران البعض منها قائم و البعض منها قد تعرض للسقوط نتيجة لعوامل التعرية والأعاصير التي مرت بالمنطقة مؤخراً .
ولهذا لم تبنى هذه القبيلة العريقة حصوناً إلا قليلاً بسبب وحدتها وقوة عزيمتها و ترابطها على مر السنوات الطويلة و تاريخها شاهد لها ؛ و تمتلك أيضا (عائلة بن عمروتن) حصن آخر في وادي « حويتم » على بعد حوالي ٨٣/كم عن مديريه قشن ، وهو بنفس الاسم (حصن بن عمروتن) نشاء على يد البرك البخيت بن عمروتن و هو أخ لسعيد البخيت باني (بيت حنوب ) بجانبه مزرعة نخيل . ويعد حاليا البرك علي سعيد ، الشيخ مبارك أحمد سعيد وسالم عوض سعيد هم القائمين و المسؤولين الأساسيين على الحصن .
لم تكن الحصون و المربعات و أبراج المراقبة يوماً لتحمي أرضا أو تعزز هوية أو تقود حضارة عالمية و أنما العزة في القلوب المتعاونة الشجاعة و العقول الملأى بالحكمة و الفطنة و الهمم التي لا تعرف الكلل و الملل . و تشكل الحصون القديمة والتاريخية مثل حصن بن عمروتن على عظمه بناءه و فرادته و بحاجة إلى تكاتف من قبل الجهات المختصة بها و من قبل أصحاب الشأن من أجل ترميمه بنفس النمط القديم لأجل المحافظة على طابعها التاريخي ومكانتها المرموقة للبناء المهري القديم لتكون خير شاهد على عراقة الإنسان المهري و النظر إلى هذا المعلم بأكثر من زاوية ؛ ماهو الا عملية من عمليات التعبير عن المخزون الثقافي القديم و اطلاقه .
صادر عن الإدارة العامة للمعلومات والإحصاء والتوثيق م/ المهرة