الأهمية التاريخية لوادي إدنوت م /قشن .
تشكل الأودية المائية منظومة جيومورفولوجية بسبب تأثرها بالترتيب الجيولوجي و التغيرات المناخية التي مرت بها شبه الجزيرة العربية ، وخلال الأعوام الماضية حدثت أعاصير تاركة آثارها على بعض الأودية، حيث تعرضت لتغييرات كبيرة في مسارها، وتكتلت فيها التربة وانجرفت معظمها، واختفت الكثير من خصائصها الرئيسة .
اشتهرت مديرية قشن بكثرة الأودية التي تتدفق فيها مياه السيول وقت هطول الأمطار، ومنها وادي (إدنوت) الذي يقع في الجهة الشرقية منها، ويضم مستقطبات تاريخية اندثرت منذ مئات السنين، لكن ما زال لها ذكر يحتفظ به أهالي مديرية قشن في شكل ثراء علمي تتداوله الأجيال جيلا بعد جيل حفاظاً على تاريخهم الشهير .
ومن أهم هذة المستقطبات التي يحتضنها وادي إدنوت وأبرزها ما يلي:
أولاً : ( قصر عامر الدولة ) : سمي بهذا الاسم نسبة إلى مؤسس القصر عامر الدولة بن عفرار ، الذي كان عهده قبل ثمانمائة أو سبعمائة وخمسين عاما بحسب المرجع الشفهي الإعلامي محمد عصيان، وبحسب ما سمعه من بعض كبار السن ؛ حيث قال: إن القصر كان يحيط به سور مائي، وخندق يلتف حول القصر من جهاته الأربع، وقد حفر هذا الخندق حتى الماء وبقي حاجزاً بين القصر وبين من يريد اقتحامه ليلاً ، ذاكرا أن باب القصر كان يشبه أبواب القلاع الحصينة ذات السلاسل العتيقة. وبقي الموقع شاهداً على أهمية من مروا هنا من سلاطين عظماء، وعلى البيئة التي عاشوا وحكموا فيها. أزقه القصر أصبحت مندثرة، ولم يتبقَ منها سوى (ساس) لسور فوق تلة يبلغ طوله حوالي متراً أو مترين، والبعض من الصخور مربعة الشكل قد تكسرت من عوامل التعرية. وبشكل عام فإن المعلومات التاريخية حول قصر عامر الدولة شحيحة جداً، ولا تعدو أن تكون مستقاة من أخبار الرحلات، أو متواترة شفوياً، وكثيراً ما تكون مختلطة بالعواطف والخرافات.
ثانياً : ( خور سنجره) : يعتبر من أقدم المرافئ الطبيعية في جنوب شبه الجزيرة العربية، و يقع الخور في المدخل الشرقي لمديرية قشن، و يشكل منطقة عبور لدخول المديرية، ومن مميزاته الطبيعية: أنه وادٍ تحول إلى مجرى سيول حالياً ، وتكثر فيه أشجار السيسبان ، وموقعه الاستراتيجي مهم، ومياهه تصب في البحر ، ويمتاز بعمقه. ومن مميزاته التاريخية قديماً أنه كان يشرف على الميناء القديم، والسوق القديم، والقصور والحصون التي أصبحت حالياً مندثرة.
ثالثاً : ( السوق القديم ) : لعبت الأسواق القديمة دورا فاعلا بحضورها القوي في حياة الناس، فكانت إحدى منابر التبادل الاقتصادي التجاري التي تحمل معاها ملامح القدم . وسوق قشن القديمة من أهم الأسواق التجارية التي لها دور بارز في الحركة التجارية، ذلك لأنه يطل على مرفأ طبيعي "خور سنجره"، كما كان يتمتع بقيمة استراتيجية تجارية في الملاحة البحرية، ما جعله مركزا تجاريا لتبادل البضائع، وتلبية حاجات السفن التجارية، وسمي بالسوق القديم لأنه يستقطب جميع الأسواق التي حوله. وامتاز سوف مدينة قشن بزراعة القطن الذي يعتبر المصدر الاقتصادي الزراعي الأول قديماً ، إضافة إلى اللبان و المر الذي يتم جمعه من الجبال، و كذلك زيت الصيفة، وكل هذه البضائع كان يتم بيعها للتجار في السوق، وتحمل هذه المنتجات فوق السفن الشراعية إلى الخليج، جالبين منه في المقابل الملابس والتمر والأرز وغير ذلك .
ويلاحظ أثناء جمع عينة من المعلومات لوادي إدنوت أنه يجب تكثيف الدراسات و إعداد البحوث العلمية للاهتمام بتسلسل الأحداث التاريخية في هذه المنطقة، والعناية بإنشاء شواهد مجسمة تخيلية مشابهة لمدينة قشن القديمة توضع بالمتحف ، والعمل على نقل التربة التي جرفتها السيول في الوادي، وبناء الحواجز و السدود لتحف خور سنجره كونه معلما سياحيا واستراتيجيا ، وتنشيط ورش عمل لتنمية ثقافة المجتمع بأهمية هذه المعالم السياحية الأثرية لتنشيط حركة السياحة بالمحافظة.
صادر عن الإدارة العامة للمعلومات و الإحصاء و التوثيق م/ المهرة .