قد تلعب الطائرات دون طيار دورًا محوريًا في الربط بين أعداد ضخمة من الاجسام والاجهزة الذكية بهدف إنشاء ما يعرف اليوم ب «إنترنت الأشياء». وإنترنت الأشياء أو Internet of Things يُقصِد به الجيل الجديد من الإنترنت الذي يربط كل الأجهزة والأشياء المختلفة ببعضها بشكل يُتيح التفاهم بينها عبر بروتوكول الإنترنت، وتشمل الأجهزة والمستشعرات وأدوات الذكاء الاصطناعي المختلفة وغيرها حيث نشهد تطبيقاتها اليوم في مجالات مختلفة مثل الاتصالات والصحة والتعليم الذكي والمنازل الذكية والمعاملات الحكومية.
ولقد أوضح باحثون في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) أن استخدام الدرونز -الطائرات دون طيار UAVs- في التحليق بين مجموعات من الأغراض المختلفة المرتبطة بـ “إنترنت الأشياء” لتجميع بياناتها قد يكون أسلوبًا عالي الكفاءة.
ويقول أسامة بوشناق، طالب الدكتوراة في معمل البروفيسور طارق النافوري،أستاذ، الهندسة الكهربائية والحاسوبية ب”كاوست” : “ستُحدث شبكات «إنترنت الأشياء» ثورة في طريقة رصد جميع الأشياء من حولنا والتحكم بها والتواصل معها”. فمن الممكن نشر مستشعرات كثيرة في الحقول الزراعية كي تتولى مراقبة مستويات الماء والمغذيات. ويمكن كذلك نشر شبكات من المستشعرات التي ترصد الحياة البرية. ويضيف بوشناق: “ولتفعيل شبكات «إنترنت الأشياء»، نحتاج إلى عدد هائل من المستشعرات منخفضة التكلفة وذاتية التشغيل”. فالنقل اللاسلكي التقليدي للبيانات لا يتناسب مع هذا الغرض بسبب الطاقة المحدودة لكل مستشعر وصعوبة توصيل عدد كبير من الأجهزة.
لذا، قد يكون البديل إرسال طائرات دون طيار لجمع البيانات من خلال النقل قصير المدى منخفض الطاقة، وهو ما يزيح عبء تجميع البيانات من على كاهل كل مستشعر وينقله إلى آلة واحدة قادرة على العودة ذاتيًّا إلى القاعدة لإعادة شحن طاقتها. ويكمن التحدّي في حساب النهج الأكثر كفاءة لتجميع البيانات لتقليل وقت المهمة إلى الحد الأدنى مع تعظيم الإنتاجية إلى الحد الأقصى.
يقول بوشناق موضحًا: “تخيّل حقلًا مغطى عشوائيًّا بمستشعرات «إنترنت الأشياء»، إذ إن تغطية مساحة صغيرة من الحقل في كل موقع تحليق سيُحسِّن الاتصال بين الطائرة دون طيار والأجهزة، مما يقلل من وقت تجميع البيانات”. إلا أن الطائرة ستحتاج إلى قضاء وقت أطول في التنقل بين جميع أجهزة «إنترنت الأشياء» في الحقل. لذلك فإن تقليص وقت المهمة إلى الحد الأدنى يتضمّن تحسين منطقة تغطية تلك الطائرات دون طيار، وتحديد مواقع التحليق وعددها، والمسار الذي تتخذه الطائرة بين كل موقع.
وقسَّم الفريق المشكلة إلى عدة عناصر؛ بالنسبة لعدد مواقع التحليق، حدد الفريق أولًا أفضل مواقع التحليق عبر عملية حسابية ، ثم طبقوا مسألة حسابية جبرية معروفة في علوم الحاسبات باسم «البائع المتجول» كي يحدّدوا أفضل مسار بين المواقع ويحسّنوا من معدل نقل البيانات.
يقول بوشناق: “كرَّرنا العملية على أعداد متباينة من مواقع التحليق حتى حصلنا على التوازن الأمثل بين وقت التحليق ووقت التنقل”. وقد نجح هذا النهج في اختصار وقت المهمة بما يصل إلى عشرة أضعاف في حالة حقل تبلغ مساحته ١٠٠ متر مربع.
ويختبر الفريق حاليًا فكرة استخدام الطائرات دون طيار مع مستشعرات «إنترنت الأشياء» بغرض الكشف عن الحرائق. ويعلّق النافوري على ذلك قائلًا: “ندرس كيف يمكن استخدام نظام من هذا النوع في اكتشاف حرائق الغابات، ونبحث التوزان بين تكلفة النظام ومدى كفاءته في اكتشاف الحرائق”.