تواجه أوروبا والولايات المتحدة موجهة هجرة كبرى جديدة مصدرها أفغانستان بعد قرار الانسحاب منها وعودة سيطرة طالبان عليها. ويبدو الآن أن الغرب أكثر تحفظا في قبول لاجئين جدد على أراضيه. واقترح الاتحاد الأوروبي بهذا الشأن عقد منتدى دولي رفيع المستوى لحل قضية إعادة توطين اللاجئين الأفغان في الدول الغربية، لكنه لم يقرر بعد إلى أي مدى سيكون قادرا بمفرده على تحمل عبئها، حسب تصريح ادلت به مؤخرا رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عقب مؤتمر استثنائي بالفيديو لزعماء دول مجموعة السبع.
مع مشكلة اللاجئين الأفغان الحالية لا يريد الاتحاد الأوروبي تكرار أزمة الهجرة في عام 2015، وتقول بعض الدول الأوروبية إنها مستعدة لقبول بضعة أشخاص، وبحد أقصى العشرات.
وقال وزير الهجرة اليوناني: "لا نريد أن نعيش من جديد ما عشناه في عام 2015". وعلق سيباستيان كورتس على احتمال قبول اللاجئين في النمسا قائلا: "طالما أنني المستشار، فهذا الأمر لن يحدث".
من جانبه، صرّح رئيس الوزراء السلوفيني، يانيز يانشا، قائلا: "ليست مسؤولية الاتحاد الأوروبي وسلوفينيا تقديم المساعدة لكل شخص على هذا الكوكب يفر، بدلاً من القتال من أجل وطنه ... لن يفتح الاتحاد الأوروبي ممرا إنسانيا للأفغان".
أما تركيا فقد دعا رئيسها، رجب طيب أردوغان، أوروبا إلى تحمل المسؤولية عن المهاجرين الجدد من أفغانستان، أو أي بلد آخر، مشيرا إلى أن هذا أمر "لا مفر منه".
وشدد أردوغان على أن "تركيا ليست مضطرة، وغير مسؤولة أو موكلة، لتكون مستودعا للاجئين من أجل مصلحة أوروبا"، مضيفا بهذا الشأن قوله إن تركيا "ليست بلدا يمر منه كل من هب ودب"، وإن سلطات بلاده لن "تتسامح أبدا مع من لا يلتزم بقوانيننا وأنظمتنا ويتخذ مواقف تثير الفوضى".
وفيما تحاول الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إيجاد ملاجئ للمهاجرين الأفغان في الدول الأخرى، وخاصة تلك المجاورة لأفغانستان، وتقول إن ذلك مؤقت إلى حين الاتفاق على توزيعهم في بلدان الغرب، أعلنت أوغندا وألبانيا موافقتهما على إيواء آلاف الأفغان، وأعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن امتنانها لهذين البلدين.
وبالنسبة لبريطانيا، فهي تنوي قبول اللاجئين الأفغان على غرار الموجة السورية في عام 2015، وذلك بمنحهم تأشيرة حماية لمدة 5 سنوات، ومن خلالها يمكن للمهاجرين التقدم بطلب للحصول على اللجوء. وقد صرّح وزير الداخلية البريطاني بأن بلاده ستمنح حق اللجوء لـ 20 ألف لاجئ أفغاني.
وفي هذا السياق، وعد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، بمساعدة الدول التي توافق على إيواء اللاجئين الأفغان.
وتشك روسيا في نوايا الغرب، حيث صرّح الرئيس فلاديمير بوتين بأنالشركاء الغربيين يصرون على إسكان اللاجئين الأفغان مؤقتا في دول آسيا الوسطى إلى حين حصولهم على تأشيرات للذهاب إلى الولايات المتحدة أو دول أوروبا، متسائلا بقوله: "هل يعني ذلك أنه يمكن إرسال (هؤلاء اللاجئين) إلى هذه الدول المجاورة من دون تأشيرات، بينما لا يريدون (الغربيون) استقبالهم في أراضيهم دون التأشيرات؟ إنه منهج مهين إزاء هذه المسألة".
وأوضح بوتين أن هذه المقترحات تستدعي قلق موسكو، لافتا إلى أن أعداد هؤلاء اللاجئين الأفغان الذين يراد لهم أن يصلوا إلى دول آسيا الوسطى قد تبلغ مئات الآلاف أو حتى الملايين، وليس من المستبعد أن يكون بين صفوفهم متشددون.
وأشار بوتين إلى أن حدود روسيا مع دول آسيا الوسطى يبلغ طولها ألف كيلو متر، دون أي قيود متعلقة بالتأشيرات، محذرا من أن ذلك سيسمح لهؤلاء المتشددين المفترضين بالتسلل إلى أراضي روسيا من دون عوائق، وتسائل: "كيف سنتعامل مع ذلك؟ هذا الأمر يمس بشكل مباشر أمننا ومواطنينا".